خالد سليمان
قبل ذكرى مرور عقد على حرب إنهاء الديكتاتورية البعثية في العراق عام ٢٠٠٣، سألني الكاتب العراقي حمزة عليوي عن إمكانية كتابة شهادة قصيرة عن الصورة التي تركها الأمريكيون في مخيلة العراقي، في مخيلة الكردي تحديداً. وكان الكاتب منهمكاً وقتئذ بملف اراد إعداده عن صورة "الأمريكي" بعد مرور عقد على تحرير وإحتلال البلاد لجريدة (الأخبار) اللبنانية.
وقد تعذر نشر الملف، وفيه الشهادات المكتوبة من قبل عدد من الكتاب والصحفيين العراقيين لأسباب غير معروفة، إلا ان سؤال الكاتب الصديق عليوي عن صورة الأمريكي في المخيلة العراقية، يدفعني دائماً لإستعادة صورة رأيتها في مدينة الموصل عام 2004، إذ كنت عائداً من شمال أمريكا للبلد المُحَرَر من نظام صدام حسين الإستبدادي، والمُحتَل من قبل المُحرِر. حين دخلت المدينة سألت عن إمكانية تناول وجبة غذاء، ذاك اني بقيت لساعات طويلة في المعبر الحدودي بين سوريا والعراق دون تناول شيء يسد جوعي. وفي طريقنا إلى مطعم موصلي في قلب المدينة واجهنا رتل من سيارات أمريكية - عسكرية بطبيعة الحال-، توقف سائق التاكسي كي يمر الرتل الأمريكي، إنما المثير في ذلك المشهد هو ان كل عسكري داخل تلك السيارات كان يوجه سلاحه نحو المارة في شوارع المدنية أو الجالسين داخل سياراتهم وكنت اسأل نفسي، أيمكن إبعاد هذه الصورة عن ذاكرة الناس؟.
وفي المطعم، كانت صورة الذبان، وفيها، إستقبال بدأ بجملة واحدة، "لم يبق سوى الكباب والشقف"، العتبة الأولى للدخول. تالياً، بين صورة الأمريكي المدجج بالسلاح ومطعم مدجج بالذبان ونظرات إرتيابية، قررنا التوجه مباشرة إلى كركوك ومن ثم إلى مدينتنا الخالية من الجيش الأمريكي، إنما ليست من صورة جنوده وهم "يُغَطّون" رؤوس فرائسهم (الشريرة والبريئة) بأكياس الخيش. حين حكيت عن صورة الجنود الأمريكيين وأفواه أسلحتهم الموجهة إلى عيون الناس في الموصل لأقربائي, كنت أشعر بأني أنقل لهم معلومات جديدة، لأنهم يعيشون في مدينة لا حضور للأمريكي فيها، إنما، وكأني حرضت شيء ما بداخلهم، بدأوا بالحديث عن الجندي الأمريكي كرجل آلي لا يعرف سوى (No) وأكياس الخيش لحجب رؤية القابض عليه بتهمة ما أو دونها. وكان البعض منهم قد رأى مثل هذه الصورة في العاصمة بغداد أو في الطريق إليها. ساعتئذ، عرفت بأن غياب الأمريكي في مدن كردستان لا يعني بالضرورة حضور مرفق بأكياس تجعل كلمة (No) مسموعة أكثر.
تعليقات
and yours is the greatest I have discovered till now.
However, what in regards to the conclusion? Are you positive in regards to the supply?
Here is my webpage ... sightseeing rome