خالد سلیمان
منذ ماض قريب ، وفي سياق معان سياسية قومية اقتضاها التحول العراقي ، تجد الحركة القومية الكردية نفسها في فضاء– تاريخي مختلف عن كل ما تم بناءه من التصورات والشعارات . فالرصيد الفكري الذي كان يتجسد ، - في أعلى درجات وضوحه - ، في تخصيب مشروع " الكُردايَتي" دون جعل المفاهيم الإجتماعية والفردية عنصراً من عناصره . يكتنفه اليوم واقع جديد له حيثيات سياسية وإجتماعية وإقتصادية مختلفة ولا يمكن التعاطي معها وفق منطق ماضوي . لقد استحوذ في ماض قريب أيضاً ، مفهوم " نحن" على جميع مصادر الـ " أنا " وتمت تنميط الفردية والسياسة الإجتماعية بالتالي وفق مفهوم الجماعة في خطاب سياسي تقليدي ركز بالدرجة الأساس على شعارات لم تعد تناسب الواقع الجديد .
اليوم ، وفي ظل تحولات جذرية في العراق ، تواجه السلطات المحلية الكردية بدايات أزمة خانقة وقد تواجه مصير منظمة " الفتح " الفلسطينية إن لم تقم بتفكيك سياساتها القديمة وبقي الفساد الإداري والمحسوبية والمناصفة في المناصب الحكومية وإحتكار الحياة الإقتصادية والسياسية على رأس القضايا الشائكة في كردستان . فالمعلومات التي تنشرها الصحافة الكردية حول الفساد في المؤسسات الحكومية ومشاريع إعادة الأعمار تفوق تلك الإخبار التي تتحدث بناء المطارات والمنشآت الإقتصادية الحيوية . وقد تتدخل الرئيس العراقي " مام جلال " أكثر من مرة وأمر بتشكيل لجان المراقبة على العمل الحكومي في الإقليم ، ولكن " المحسوبية السياسية " أقوى من رغبة التخلص من مصادر الفساد الإداري الذي تمخض عن الولاء الحزبي وعدم وجود الرقابة المدنية والشعبية على سير أداء الحكومة . في سياق الإشكالية ذاتها ، بقيت " الكُردايَتي " أسيرة ماضويتها ولم تتحول بالتالي إلى مشروع إجتما-ثقافي في مجالات التربية والتعليم والتنمية والخدمات الإجتماعية والصحية . فالتحديث الإقتصادي الجاري في كردستان لم يؤد إلى تذليل المشكلات المجتمعية التي يعاني منها المجتمع الكردستاني ، كالفقر والهامشية والتخلف في مجالات المعلوماتية والإتصالات ووسائل ترفيه المواطنين . هذا، بالإضافة إلى مشكلات أُخرى – بسيكولوجية وإجتماعية - مستعصية كآثار عمليات الأنفال التي تكتنف حياة شريحة كاملة نسميها اليوم " مجتمع الأنفال " .
من هنا يمكننا مقاربة المشهد الكردي " المُتَحَزِب " مع المشهد الفلسطيني " المُتَفَتِح " – نسبة إلى حركة الفتح – إذ إنتهى لصالح "الحماسيون " . ومن خلال هذه المقاربة ذاتها جاء الإهتمام الكردي بالإنتخابات الفلسطينية الأخيرة في الإعلام أكثر من غيرهم واعتبرها بعض المعلقين الكرد بأنها كانت رسالة واضحة الدلالة لقادة الكرد حول مستقبل الديمقراطية في ظل الفساد والمحسوبية . وفي هذا الصدد ، بدا من السهل تشبيه حزب الإتحاد الإسلامي الكردستاني الذي خاض الإنتخابات الفيدرالية بقائمة مستقلة وحصل على خمسة مقاعد في البرلمان العراقي ، بحركة " حماس " وإكتساحها الساحة الفلسطينية . فبرغم قدرة الأحزاب القومية الكردية في إستقطاب الغالبية المطلقة في الشارع الكردي ، يبقى الخوف من حضور حركة إسلامية " مُعتدلة " أعلنت عن بداياتها خيرياً ، هاجساً قوياً في الأوساط السياسية والثقافية . ذاك ان " خيرية " الإتحاد المذكور، كانت مدخلاً لإقتناص الفرصة وتحولت إلى حزب سياسي ينافس البلاشفة القوميين .
إذاً ، نحن أمام حالتان نقيضتان في الخطاب والسلوك ، تتجسد الأُولى في ثابت قومي يستحوذ على الماضي ، يتحرك وفق "الأنا الجماعية" وحضور الآخر ، أما الثانية فتتمثل في متحول تيو- قراطي يتوزع بين " الخيرية " والسياسة ،و ضمناً ، التحرك في الفضاء الذي تتركه الأُولى وراءها .
حيال هذه " الحماسية " الكردية المُعتدلة التي تنشط في أبعد خلية إجتماعية كما في أية مدينة عصرية ، لا يمكننا البقاء في دائرة تفسيرات تلقليدية مفادها بأن الحركات الإسلامية تنشط وتتحرك في البيئات الهامشية ويقودها بعض رجال الدين . لأن نتائج الإنتخابات التشريعية الأخيرة في شهر ديسمبر عام 2005 أثبتت ان جمهور الإتحاد الإسلامي في مدينة السليمانية العصرية أكثر من المناطق الهامشية ، ثم ان قيادة الحزب تتكون من مجموعة من المهندسين والأطباء والتكنو- كرات .
تالياً ،يمكننا قراءة السياسة القومية في كردستان بمفردات فلسطينية ( فتحية بشكل خاص ) ، ذلك ان تشخيص التراث السياسي الذي يشكل رأسمالاً رمزياً لدى القوميين الكُرد والفلسطينيين أضعف من أن يؤدي إلى التغيير . وهذا لا يعني بطبيعة الحال الرهان على الديمقراطية على أيدي الحماسيين ،وإنما وضع الإشارات في فراغ تتركه السياسية التأميمية الفارغة من المعاني الإجتماعية والفردية والتنموية .
منذ ماض قريب ، وفي سياق معان سياسية قومية اقتضاها التحول العراقي ، تجد الحركة القومية الكردية نفسها في فضاء– تاريخي مختلف عن كل ما تم بناءه من التصورات والشعارات . فالرصيد الفكري الذي كان يتجسد ، - في أعلى درجات وضوحه - ، في تخصيب مشروع " الكُردايَتي" دون جعل المفاهيم الإجتماعية والفردية عنصراً من عناصره . يكتنفه اليوم واقع جديد له حيثيات سياسية وإجتماعية وإقتصادية مختلفة ولا يمكن التعاطي معها وفق منطق ماضوي . لقد استحوذ في ماض قريب أيضاً ، مفهوم " نحن" على جميع مصادر الـ " أنا " وتمت تنميط الفردية والسياسة الإجتماعية بالتالي وفق مفهوم الجماعة في خطاب سياسي تقليدي ركز بالدرجة الأساس على شعارات لم تعد تناسب الواقع الجديد .
اليوم ، وفي ظل تحولات جذرية في العراق ، تواجه السلطات المحلية الكردية بدايات أزمة خانقة وقد تواجه مصير منظمة " الفتح " الفلسطينية إن لم تقم بتفكيك سياساتها القديمة وبقي الفساد الإداري والمحسوبية والمناصفة في المناصب الحكومية وإحتكار الحياة الإقتصادية والسياسية على رأس القضايا الشائكة في كردستان . فالمعلومات التي تنشرها الصحافة الكردية حول الفساد في المؤسسات الحكومية ومشاريع إعادة الأعمار تفوق تلك الإخبار التي تتحدث بناء المطارات والمنشآت الإقتصادية الحيوية . وقد تتدخل الرئيس العراقي " مام جلال " أكثر من مرة وأمر بتشكيل لجان المراقبة على العمل الحكومي في الإقليم ، ولكن " المحسوبية السياسية " أقوى من رغبة التخلص من مصادر الفساد الإداري الذي تمخض عن الولاء الحزبي وعدم وجود الرقابة المدنية والشعبية على سير أداء الحكومة . في سياق الإشكالية ذاتها ، بقيت " الكُردايَتي " أسيرة ماضويتها ولم تتحول بالتالي إلى مشروع إجتما-ثقافي في مجالات التربية والتعليم والتنمية والخدمات الإجتماعية والصحية . فالتحديث الإقتصادي الجاري في كردستان لم يؤد إلى تذليل المشكلات المجتمعية التي يعاني منها المجتمع الكردستاني ، كالفقر والهامشية والتخلف في مجالات المعلوماتية والإتصالات ووسائل ترفيه المواطنين . هذا، بالإضافة إلى مشكلات أُخرى – بسيكولوجية وإجتماعية - مستعصية كآثار عمليات الأنفال التي تكتنف حياة شريحة كاملة نسميها اليوم " مجتمع الأنفال " .
من هنا يمكننا مقاربة المشهد الكردي " المُتَحَزِب " مع المشهد الفلسطيني " المُتَفَتِح " – نسبة إلى حركة الفتح – إذ إنتهى لصالح "الحماسيون " . ومن خلال هذه المقاربة ذاتها جاء الإهتمام الكردي بالإنتخابات الفلسطينية الأخيرة في الإعلام أكثر من غيرهم واعتبرها بعض المعلقين الكرد بأنها كانت رسالة واضحة الدلالة لقادة الكرد حول مستقبل الديمقراطية في ظل الفساد والمحسوبية . وفي هذا الصدد ، بدا من السهل تشبيه حزب الإتحاد الإسلامي الكردستاني الذي خاض الإنتخابات الفيدرالية بقائمة مستقلة وحصل على خمسة مقاعد في البرلمان العراقي ، بحركة " حماس " وإكتساحها الساحة الفلسطينية . فبرغم قدرة الأحزاب القومية الكردية في إستقطاب الغالبية المطلقة في الشارع الكردي ، يبقى الخوف من حضور حركة إسلامية " مُعتدلة " أعلنت عن بداياتها خيرياً ، هاجساً قوياً في الأوساط السياسية والثقافية . ذاك ان " خيرية " الإتحاد المذكور، كانت مدخلاً لإقتناص الفرصة وتحولت إلى حزب سياسي ينافس البلاشفة القوميين .
إذاً ، نحن أمام حالتان نقيضتان في الخطاب والسلوك ، تتجسد الأُولى في ثابت قومي يستحوذ على الماضي ، يتحرك وفق "الأنا الجماعية" وحضور الآخر ، أما الثانية فتتمثل في متحول تيو- قراطي يتوزع بين " الخيرية " والسياسة ،و ضمناً ، التحرك في الفضاء الذي تتركه الأُولى وراءها .
حيال هذه " الحماسية " الكردية المُعتدلة التي تنشط في أبعد خلية إجتماعية كما في أية مدينة عصرية ، لا يمكننا البقاء في دائرة تفسيرات تلقليدية مفادها بأن الحركات الإسلامية تنشط وتتحرك في البيئات الهامشية ويقودها بعض رجال الدين . لأن نتائج الإنتخابات التشريعية الأخيرة في شهر ديسمبر عام 2005 أثبتت ان جمهور الإتحاد الإسلامي في مدينة السليمانية العصرية أكثر من المناطق الهامشية ، ثم ان قيادة الحزب تتكون من مجموعة من المهندسين والأطباء والتكنو- كرات .
تالياً ،يمكننا قراءة السياسة القومية في كردستان بمفردات فلسطينية ( فتحية بشكل خاص ) ، ذلك ان تشخيص التراث السياسي الذي يشكل رأسمالاً رمزياً لدى القوميين الكُرد والفلسطينيين أضعف من أن يؤدي إلى التغيير . وهذا لا يعني بطبيعة الحال الرهان على الديمقراطية على أيدي الحماسيين ،وإنما وضع الإشارات في فراغ تتركه السياسية التأميمية الفارغة من المعاني الإجتماعية والفردية والتنموية .
تعليقات