التخطي إلى المحتوى الرئيسي

صور من تعب الشوارع ... والحياة خلف الجدران في بغداد


بغداد - خالد سليمان
عن صحيفة الحياة اللندنية

يسألني «أحمد» بلجهته البغدادية، ماذا تعني لك بغداد، عدوة أم صديقة أم ماذا؟ استغرب سؤاله وأنظر لصديقي الصحافي مدير مكتب «الحياة» في بغداد مشرق عباس وكأني في حاجة لمساعدته في طريقة يراها مناسبة للحديث عن مدينة لم أرها منذ صيف ١٩٩٠. أحمد الذي كبر ودرس في بغداد وعاش مآسيها ويومياتها الحزينة في ظل الاستبداد والقسوة قبل ٢٠٠٣، والعنف الطائفي والانفجارات والإرهاب بعد ذلك التاريخ، أنيق المظهر ومحب للحياة والعلاقات والأصدقاء، ويريد معرفة ما يفكر به أي زائر يأتي إلى هنا من إقليم كردستان العراق أو من بيروت. وزوار بغداد اليوم هم من لبنان أو السليمانية وأربيل على الأغلب. لا تقنع أحمد إجابة شاعرية مغلفة بالحنين أو وصف تاريخي لأقدم مركز حضري في العالم العربي، إنما يبحث عمن ترى في بغداد صديقة في الحقيقة. ذاك انها مدينة بلا أصدقاء.

لم يصف أحمد مدينته بهذا الشكل ولم يفكر به غالباً، ولكن خروج واحد إلى شوارع المدينة كفيل باكتشاف بغداد وحياة أهلها اليومية في لحظات وعرة. لحظات ممتزجة بأمكنة قاسية ومغبرة، شوارع ممتلئة بالأسلاك والناس وحركة السير المنفلتة والمصفحات العسكرية والبسطات المتنوعة، والتفكير ضمناً بالخوف من مفخخات هلامية تجول بين المارة.

أسأل رجلاً مسناً يبيع الصحف والمجلات داخل كشك صغير قرب ساحة التحرير المعروفة بنصبها المعروف «نصب الحرية» للفنان الراحل جواد سليم، عن مكتبات بغداد وورّاقيها، فيدلني الى شارع المتنبي وينصحني بأن أعود يوم الجمعة، «اليوم السبت كما تعرف وسوف لن تستفيد شيئاً» يقول لي الشيخ العراقي. وفي وقت لاحق من النهار التقي بالكاتب والصحافي العراقي توفيق التميمي ليحدثني عن كتابه «ذاكرة الرصيف،السيرة المريرة لباعة رصيف الكتب» وهو كتاب يسميه «التميمي» بمشروع العمر، ذاك انه يؤرخ فيه يوميات باعة الكتب في فترة التسعينات من القرن المنصرم إذ كان للكتاب المنسوخ على آلات الطابعة التقليدية في العراق رواج.

في صباح ذات اليوم أسأل الفنانة العراقية ومديرة مؤسسة المدى في بغداد غادة العاملي عن الحياة اليومية، وفيها المشهد الثقافي البغدادي فتقول لي، «لا شيء يذكر فنحن نعيش ونمارس عملنا اليومي داخل هذه الجدران التي تراها، ما يحدث في الخارج قليل بل نادر. لقد اعتدنا البقاء في الداخل لنمارس عملنا الثقافي والصحافي». أتذكر قول للراحل سعدالله ونوس وأقول لها: «ولكننا محكومون بالأمل»، فتجيبني، «بل نحن مجبرون على الأمل». هناك على بعد أمتار من مكتب العاملي ألتقي بالكاتب والروائي العراقي شاكر الأنباري ليحدثني عن الحياة اليومية «الوعرة» قبل الرواية والعمل الصحافي. يسألني إن زرت شوارع المدينة ورأيت ما تحمله من الحزن والنسيان. أبحث عن إجابة تقنعني وتليق بذاكرة شاب قال بأنه لا يستطيع العيش من دون بغداد على رغم جميع الانفجارات اليومية. شاكر الذي ترك أوروبا ودمشق وفقد أغلب أفراد عائلته في مدينة الرمادي عاد ليستقر في عاصمة القلق والنسيان ويعيش فيها، يستكبر على العنف ويقول: «إنها الحياة، هناك في بغداد ملايين من البشر يحلمون ويعيشون ويرغبون».

مساء حيث موعد الاحتفال بالذكرى الثانية لمجلة «الأسبوعية» في فندق بغداد نلتقي بحشد من المثقفين والصحافيين والإعلاميين يخترق جميع المخاوف الأمنية ويأتي لحضور لقاء إعلامي. الناقد والمثقف العراقي مالك المطلبي ما زال متمسكاً بلغته الأدبية وثقافته الواسعة في ما خص النشر للمواد الثقافية اليومية في الصحف والمجلات. ينتهي الحفل ويعود الجميع إلى البيوت الخالية من كائن نسيه العراقيون وهو الكهرباء.

في صباح اليوم الثاني نخرج من بغداد باكراً ونتجه إلى السليمانية، نبحث بعد بزوغ الشمس عن مطعم يُقدم فيه الفطور، قطعة جبنة أو بيضة مقلية، يقول صاحب المطعم، «ليس لدينا سوى المشاوي»، نضحك ونربط مطبخنا بثقافتنا.

وفي السليمانية يسألني الأصدقاء والزملاء الصحافيين عن بغداد وساحة التحرير وشارع المتنبي، ويقول البعض منهم هل ما زالت بغداد على حالها، فأقول بغداد محكومة بالأمل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أزمة المياه تهدّد الشرق الأوسط.. والعراق على الخط الأحمر

خالد سليمان  يشير مدير المعهد العلمي للبيئة في جامعة جنيف مارتن بينيستون إلى ذوبان شبه كلي لثلوج جبال الألب نهاية القرن الحالي، حيث لا يبقى سوى القليل منه في الأعالي. يعود سبب ذوبان هذه الثلوج التي تغذي أنهار (راين، دانوب، بو، رون) ويعتمدها ١٦٠ مليون نسمة في غالبية أنحاء أوروبا للزراعة والنقل والطاقة والغذاء، إلى التغيير المناخي وارتفاع درجات حرارة الأرض، ناهيك عن الازدياد السكاني حيث تشير الإحصائيات المتوقعة إلى وصول نسبة سكان المعمورة إلى ١٠ ملايين نهاية هذا القرن.  كانت هذه الصورة بداية لمؤتمر دولي بعنوان “السلام الأزرق” حول دور المياه في السلام والتنمية المستدامة في الشرق الأوسط نظمه Stratigic Foresight Group وجامعة جنيف بالتعاون مع وكالة سويسرا للتنمة والتعاون الاسبوع الثاني من شهر أكتوبر ٢٠١٥. 

MIDDLE EAST Human Rights Watch outraged by video showing Syrian rebel commander Abu Sakkar cutting out government soldier's heart and eating it

By John Hall A graphic video has emerged of a Syrian rebel commander cutting the heart out of a  soldier’s chest and biting into it. Described by Human Rights Watch as “emblematic” of a civil war that has rapidly descended into sectarian hatred and revenge killings, the amateur footage was posted on the internet yesterday - sparking outrage among opposition figures, as well as supporters of President Bashar al-Assad. Human Rights Watch said the video shows Abu Sakkar – the prominent founder of rebel group Farouq Brigade, which originated in Homs. In the clip, Sakkar cuts into the chest of the dead soldier before ripping out his heart and liver and declaring: “I swear to God we will eat your hearts and your livers, you soldiers of Bashar the dog”. To off-screen cheers and chants of “Allahu akbar [God is Great]”, the man then bites into the heart. The Syrian conflict started with peaceful protests in March 2011, but when these were suppressed it gradually turned int...

نوري المالكي وجيشه وضباطه البعثيين, إليكم الأسماء

لا مانع ان ترتكب القوات التابعة لرئيس الوزراء نوري المالكي وتحت قيادة الضباط البعثيين (الأشاوس) مجازر في "دوزخورماتو" وغيرها من المناطق المستقطعة من كوردستان, إليكم أسماء ضباط الجيش العراقي في عهد الديكتاتور صدام حسين وقد أعادهم نوري المالكي إلى جيشه (الباسل) وسلمهم المناطق التي تسمى بالمتنازع عليها وهي في الحقيقة مستقطعة من كوردستان    الفريق الأول الركن عبود قنبر هاشم المالكي- -معاون رئيس أركان الجيش حاليا  الفريق الأول الركن موحان حافظ الفريجي(سابقا التكريتي)- مستشار أقدم وزارة الدفاع  الفريق الأول الركن طالب شغاتي مشاري الكناني- قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الأول الركن احمد هاشم عودة – قائد عمليات ب