التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الإفناء في ثقافة منطقتنا


عنونت صحيفة «لوموند» الفرنسية افتتاحية عددها الصادر يوم 3/11/2010 «يوماً بعد يوم، يزداد ترحيل مسيحيي الشرق». وتطرقت الافتتاحية إلى جانب مخيف من القسوة التاريخية التي يواجهها مسيحيو الشرق، وهو ان عددهم في دولة مثل تركيا حيث كانوا يشكلون نسبة 20 في المئة من السكان في بدايات القرن العشرين وصل الآن إلى 2 في المئة. وفي البلدان الأخرى تقلصت النسبة من 15 إلى 6 في المئة. أما في العراق «الجديد» حيث تعلن فرق القتل «القاعدية» والميليشيات المشابهة لها القتل المجاني، فلم يبق فيه منهم سوى نصف مليون بينما كان هناك 800 ألف عام 2003. اي ان ما لا يقل عن 300 ألف مسيحي تركوا البلاد خلال السنوات الأخيرة قسراً، والأبواب لم تقفل أمام مشهد يومي للقتل والتهديد في بغداد، أو «المدينة المرعوبة» كما تصفها الصحافية الهولندية يودت يورينك.

المأساة التي وصل عدد ضحاياها إلى 53 شخصاً وأصيب 67 آخرون أثناء عملية تحرير رهائن في كنيسة «سيدة النجاة»، لم تكن الأخيرة ولن تكون. ذلك ان الثقافة «القاعدية» ومثيلاتها تبارك تقليم المجتمعات من بقايا تنوعها ومن مزاياه الدينية والثقافية.

ولن نرجع إلى تلك الأفكار التي اقترحها علينا صموئيل هنتنغتون عام 1993 حول صراع الحضارات، إنما الحال التي وصلنا إليها تقتضي نفض الغبار عما يمكن تسميته بـ «الفتن الغربية» في منابرنا الإعلامية وبين شعوبنا. فإلى وقت قصير كانت تلك الفتن إطاراً لدحض جميع الأفكار والتصورات الغربية والأميركية عن مستقبل الأقليات الدينية في الشرق والعالم الإسلامي، في ظل تصاعد الحركات الإسلامية المتطرفة والتكفيرية التي استعادت لنفسها بيئاتها «المريحة».

لقد كتب هنتنغتون أن «وجهات نظر مختلفة في شأن العلاقة بين الرب/الإنسان، الفرد/الجماعة ومستويات أخرى في العلاقات والأهمية النسبية للحقوق والواجبات والحرية والسلطة والمساواة والهرمية ستكون مصدر الصراعات والنزاعات»، وارتفعت الأصوات المحتجة داخل النخب السياسية والثقافية في العالم العربي والإسلامي معتبرة أن وجهة نظر كهذه ليست سوى بدعة غربية أخرى لزرع الفتن بين الشعوب «المتجانسة».

وقصارى القول إن مقولة التعايش أو النسيج الاجتماعي المتجانس كما يقال في «الأدبيات الوطنية»، لم يعد يسعها أن تقاوم كل هذا القتل المجاني، ليس ضد المسيحيين وحدهم فحسب، بل ضد كل من يخالف هذا الوحل الثقافي الذي ترسمه لنا مخيلة فاشية. ذلك ان الواقع المعاش، وفيه كل هذه الأيقونات المتمثلة برغبة الإفناء، يحيلنا إلى التفكير بعالم رعب، لا بالتجانس الذي يشبه حصاناً انتحر ضد التعب وقسوة مالكه.

ثمة ما يشير إلى صناعة محلية للتصحر الثقافي والديني في مجتمعاتنا، برزت ملامحه في جميع الميادين الاجتماعية والثقافية والدينية، لكننا لم ندركه إلاّ متأخرين ومن خلال الإعلام الغربي الذي طالما نعتناه بالمغرض والعدو وزارع الفتن. فلولا المؤسسات الغربية الإعلامية والإنسانية لما عُرف عدد المسيحيين والإيزيديين والصابئة الباقين في العراق، والخارجين منه قسراً أيضاً.

يضاف إلى هذا المشهد المخيف الذي يحيط بالأقليات الدينية في الشرق، تصدع ثقافي واجتماعي وعرقي بين تكوينات الأغلبية المسلمة حاولت وتحاول الأنظمة الاستبدادية إخفاءه في سراديب الأيديولوجيا، فيما أظهرته الطائفية على حقيقته. والحال هذه، نحن أمام العنف الطويل الأمد، يرحّل البعض اسبابه إلى خارج بلداننا ومجتمعاتنا، فيما تنتج المجتمعات والبلدان اياها تفاصيله وتعيشه كواقع روتيني.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أزمة المياه تهدّد الشرق الأوسط.. والعراق على الخط الأحمر

خالد سليمان  يشير مدير المعهد العلمي للبيئة في جامعة جنيف مارتن بينيستون إلى ذوبان شبه كلي لثلوج جبال الألب نهاية القرن الحالي، حيث لا يبقى سوى القليل منه في الأعالي. يعود سبب ذوبان هذه الثلوج التي تغذي أنهار (راين، دانوب، بو، رون) ويعتمدها ١٦٠ مليون نسمة في غالبية أنحاء أوروبا للزراعة والنقل والطاقة والغذاء، إلى التغيير المناخي وارتفاع درجات حرارة الأرض، ناهيك عن الازدياد السكاني حيث تشير الإحصائيات المتوقعة إلى وصول نسبة سكان المعمورة إلى ١٠ ملايين نهاية هذا القرن.  كانت هذه الصورة بداية لمؤتمر دولي بعنوان “السلام الأزرق” حول دور المياه في السلام والتنمية المستدامة في الشرق الأوسط نظمه Stratigic Foresight Group وجامعة جنيف بالتعاون مع وكالة سويسرا للتنمة والتعاون الاسبوع الثاني من شهر أكتوبر ٢٠١٥. 

هەر دەوڵەتێکی کوردی لەم دۆخەدا لە دایکبێت، وەک ئەوەی باشوری سودان دەبێت*

خالد سلێمان سیاسەتی ڕاستەوخۆ، ناڕاستەوخۆی شانشینی سعودی، قەتەر، تورکیا بەرامبەر عیراق و سوریا، لە حەڵەتی پاشەکشەی یەکجارەکی پرۆژەی دەسەڵاتێکی ئیسلامی ( ئیخوان، بەرەی نوسرە، ئەحراری شام، سوپای ئیسلام .. هتد ) ، کار بۆ دامەزراندنی کیانێکی سوننەی سەربازی دەکات، کە دور نیە، بەعسیەکانی ناو داعش، تۆوی ئەو کیانە بن . یانی داعشیش بەشێک دەبێت لە نەخشە سعودی - قەتەری - تورکیەکە .  ئێستا هەوڵی هەرسێ جەمسەرەکە لەوەدا کۆدەبێتەوە، چۆن لە ڕێگەی پارتی دیموکراتی کوردستان و پارتە کوردیەکانی ناو ئیئتلافی ئۆپۆزسیۆنی سوریاوە، کوردیش بەشێک بێت لەو کیانە سوننییە . لەوانەیە ئەمە باشترین دەروازە بێت بۆ تەماشاکردنی دیمەنی هەرێمی کوردستان، کە لە ڕوی سیاسی و ئابوری و کۆمەڵایەتییەوە لە خراپترین ئاستیدایە، بگرە لەبەردەم داڕوخانێکدایە کەس مەزەندەی دەرەنجامەکانی ناکات . بەڵام ئەوەی لەناو دیمەنێکی سیاسی، سۆسیۆ - ئابوری خراپی وەک ئەوەی ئەمڕۆماندا، هەژمونی خۆی هەیەو ڕای

MIDDLE EAST Human Rights Watch outraged by video showing Syrian rebel commander Abu Sakkar cutting out government soldier's heart and eating it

By John Hall A graphic video has emerged of a Syrian rebel commander cutting the heart out of a  soldier’s chest and biting into it. Described by Human Rights Watch as “emblematic” of a civil war that has rapidly descended into sectarian hatred and revenge killings, the amateur footage was posted on the internet yesterday - sparking outrage among opposition figures, as well as supporters of President Bashar al-Assad. Human Rights Watch said the video shows Abu Sakkar – the prominent founder of rebel group Farouq Brigade, which originated in Homs. In the clip, Sakkar cuts into the chest of the dead soldier before ripping out his heart and liver and declaring: “I swear to God we will eat your hearts and your livers, you soldiers of Bashar the dog”. To off-screen cheers and chants of “Allahu akbar [God is Great]”, the man then bites into the heart. The Syrian conflict started with peaceful protests in March 2011, but when these were suppressed it gradually turned int...