المقدمة
الجمهورية الاسلامية الأيرانية وتركيا هما أثنتين من ست دول تحيط بالعراق، ولطالما كانتا ملاذا (آمنا) للبيشمركة وعموم الأحزاب العراقية المعارضة أبان سنوات حكم البعث.
رغم العلاقات المتطورة التي تربط حكومتي إيران وتركيا بالحكومة العراقية كنتيجة للواقع السياسي الذي نشأ في العراق عقب عام (2003) لازالت قوات البلدين العسكرية تواصل قصفها المدفعي والجوي منذ منتصف (يوليو - تموز) من العام الجاري بين الحين والآخر لمناطق في كوردستان العراق بحجة ملاحقة مسلحي الأحزاب المعارضة لأنظمة الحكم في كلا البلدين وخصوصا مسلحي حزب العمال الكوردستاني (PKK) وحزب الحياة الحرة الكوردستاني (PJK).
وقد أفرزت استمرارية القصف الشبه يومي على هذه المناطق حالة من عدم الرضا الشعبي والسياسي في عموم العراق؛ لما يولده هذا القصف من خسائر بشرية ومادية وتهجير مستمر لسكان القرى والقصبات القريبة من الحدود المشتركة مع البلدين.
ولقد أنطلقت في العديد من المحافظات العراقية تظاهرات شملت الاحتجاجات والاستنكارات المطالبة بوقف القصف ودعوة الحكومة العراقية لأخذ دورها الحقيقي في حماية البلاد عبر تفعيل دورها السياسي والدبلوماسي تجاه البلدين، بل ووصلت الأمور إلى المطالبة بتحريك القوات العراقية لحماية الحدود مع البلدين.
والشارع الكوردستاني بمعظمه ما زال يدعو إلى ضرورة إيقاف القصف الإيراني والتركي، كما يشعر هذا الشارع بالأستغراب أمام (ضعف!) الموقف الرسمي من عمليات أنتهاك سيادة العراق، وراح يعبر عن استياءه الشديد من استمرارية القصف الإيراني والتركي على المناطق الحدودية الحدودية دون أن تحرك الحكومة ساكنا لوقفه سواء بالوسائل الدبلوماسية أو باستخدام طرق أخرى مثل قطع العلاقات مع البلدين.
بعض المصادر رجحت بأن وجود مئات الشركات الإيرانية والتركية العاملة في عموم العراق وخاصة في كوردستان تلعب دورا (خبيثا) في فرض غض الطرف عن ادانة استمرارية القصف!! ومن هنا جاءت مطالبات عدد من الدوائر الشعبية والنخبوية بضرورة أتخاذ الحكومة العراقية والكوردستانية أيضا لخطوات جادة وخاصة في المجال الأقتصادي تجاه البلدين والتي تعتقد هذه الدوائر بأنها ستأخذ مداها الواضح والمؤثر في إيقاف القصف واللجوء لحل المشاكل سلميا.
ورغم الموقف الرسمي سواء في كوردستان أو العراق بشكل عام والذي يبعث على الأستغراب بسبب (ضعفه) أو حتى عدم جديته، حتى أن عدد من الشخصيات السياسية نعتت الموقف الرسمي بالخجول وغير المفهوم!! ألا أن الحكومة العراقية وعلى لسان وزير الخارجية (هوشيار زيباري) عبرت عن أستيائها أزاء استمرار هذا القصف، حيث قال: "أن الحكومة تدين وتشجب كل الاعتداءات والانتهاكات السيادية التي تحصل من دول الجوار بدون استثناء، ونحن نرفع صوتنا عاليا أمام هذه الاعتداءات والانتهاكات ولا نعتقد بأن هذه هي الطريقة المثلى للمعالجة".
وفي كوردستان ايضا كانت لرئاسة الأقليم وبرلمان كوردستان وحكومة كوردستان مواقف من أستمرار هذا القصف، لكنها في المجمل لم تكن بمستوى طموح الشارع الكوردستاني، الذي ما زال شعر بالأستياء الى حد كبير من أستمرار هذا الأعتداء على السيادة الدولية وعلى المدنيين بحجة ملاحقة المسلحين.
أما على المستوى الدولي فالولايات المتحدة الأميركية اعتبرت القصف التركي (حالة دفاع عن النفس!!) ضد هجمات حزب العمال الكردستاني (PKK) بينما قالت منظمة (HRW) المعنية بحقوق الأنسان العالمية إن الهجمات الحدودية التي تشنها كل من إيران وتركيا على إقليم كوردستان؛ أسفرت حتى الآن عن مقتل العشرات من المدنيين على الأقل، ونزوح المئات من العوائل، وفي حين انتقدت الدولتين لعدم اتخاذهما ما يكفي من الإجراءات لضمان (تقليص الضرر بالمدنيين لأقصى حد)، دعتهما الى أحترام القانون الدولي الإنساني.
على صعيد آخر تقول إيران وتركيا إن عملياتهما العسكرية التي تشمل هجمات بالمدفعية والقصف الجوي، موجهة إلى جماعات مسلحة ناشطة داخل حدود إقليم كوردستان، على امتداد الحدود الشمالية والشرقية للعراق، أما قرويوا تلك المناطق الحدودية فيؤكدون بأن القصف قد أضر بمنازلهم وتسبب وما يزال يتسبب في تهديد حياتهم و ممتلكاتهم وماشيتهم.
في هذا الأستطلاع الذي أجريناه بحيادية تامة وبعلمية دقيقة؛ والذي شمل (1000) شخص من كافة الأعمار والطبقات والأديان والمذاهب والطوائف والقوميات (الكوردية، التركمانية، الكلدوآشورية، العربية وغيرها) ومن كلا الجنسين في (5) محافظات هي (أربيل، السليمانية، كركوك، دهوك، الموصل) حاولنا أن نقرأ رأي الشارع الكوردستاني وموقفه من القصف الأيراني – التركي المستمر على المناطق الحدودية وكذلك رأيه من المواقف العراقية والكوردستانية الرسمية من هذا القصف، في محاولة جادة منا لفهم طبيعة هذا الرأي والأسباب التي تقف وراءه.
النتائج
01- هل تدين القصف الأيراني – التركي لحدود كوردستان؟
نعم: 97.7%
لا: 01.2%
لا أعرف: 01.1%
02- هل يعتبر القصف الأيراني – التركي لحدود كوردستان خرقا لسيادة العراق؟
نعم: 91.3%
لا: 01.8%
لا أعرف: 06.9%
03- هل الموقف الرسمي العراقي من القصف الأيراني – التركي ضعيف؟
نعم: 92.4%
لا: 02.5%
لا أعرف: 05.1%
04- هل الموقف الرسمي الكوردستاني من القصف الأيراني – التركي ضعيف؟
نعم: 65.6%
لا: 27.3%
لا أعرف: 06.1%
05- هل تؤيد طرد الشركات الايرانية والتركية رداً على قصف الدولتين لحدود كوردستان؟
نعم: 33.4%
لا: 58.7%
لا أعرف: 07.9%
06- هل من شأن طرد الشركات الايرانية والتركية التأثير في موقف الدولتين وأجبارهما على ايقاف قصفهما لحدود كوردستان؟
نعم: 31.7%
لا: 62.2%
لا أعرف: 06.1%
07- هل على حزب العمال الكوردستاني ( PKK) وحزب (PJK) ايقاف عملياتهم العسكرية واللجوء للحوار والطرق الدبلوماسية والنضال السلمي لتجنيب المدنيين التعرض للقصف الأيراني – التركي؟
نعم: 45.3%
لا: 42.4%
لا أعرف: 12.3%
08- هل ستتوقف أيران وتركيا عن قصفهما للحدود الكوردستانية أذا توقف الحزبان عن نشاطيهما المسلح ولجئا الى الحوار والطرق الدبلومسية والنضال السلمي؟
نعم: 42.4%
لا: 49.7%
لا أعرف:07.9%
09- هل يؤثر أستمرار القصف الأيراني – التركي للحدود الكوردستانية على قوة وشعبية الحزبين (PKK) و (PJK) بشكل سلبي؟
نعم: 35.3%
لا: 46.8%
لا أعرف: 17.9%
10- هل يستطيع الرئيس مسعود بارزاني الاضطلاع بدور مؤثر في سياق التمهيد لفتح باب الحوار والتفاوض بين الأطراف المتنازعة لتجنيب الجميع ويلات الحرب والقصف؟
نعم: 73.3%
لا: 24.8%
لا أعرف:01.9%
الخلاصة
لقد أظهرت نتائج هذا الأستطلاع بأن الشارع الكوردستاني مستاء جدا من القصف الأيراني – التركي لحدود كوردستان، حيث أدان (97.7%) من المشاركين في هذا الاستطلاع هذا القصف، في اشارة واضحة الى وجود أستياء شعبي داخل كوردستان من هذا القصف الذي يعتبر حسب الغالبية العظمى خرقا للسيادة العراقية، فقد أكد (91.3%) من المشاركين في هذا الاستطلاع بأن هذا القصف هو خرق للسيادة العراقية وأعتداء على الحدود والأجواء الدولية.
وربما كان السبب في شدة الأستياء الشعبي لدى الشارع الكوردستاني هو الموقف العراقي الضعيف في مواجهة هذا القصف، حيث أكد (92.4%) من المشاركين في هذا الأستطلاع بأن الموقف الرسمي العراقي كان ضعيفا جدا أزاء القصف الايراني – التركي للحدود الدولية للعراق، فيما أعتقد الشارع الكوردستاني وحسب نتائج هذا الاستطلاع بأن الموقف الكوردستاني من هذا القصف لم يكن بسوء الموقف العراقي، لكن ذلك لم يمنع الغالبية من المشاركين في هذا الاستطلاع والذين وصلت نسبتهم الى (65.6%) الى وصم الموقف الكوردستاني بالضعيف أزاء هذا القصف، في اشارة واضحة الى وجود أستياء شعبي كبير أزاء المواقف الرسمية من هذا القصف والتي لم تتعدى أصدار بيانات ضمت بضعة كلمات وحراك دولي خجول!!.
لقد أظهر هذا الاستطلاع بأن الشارع الكوردستاني يعي جيدا الواقع الأقتصادي لبلده ولا يربط بشكل أعمى بين الأقتصاد والسياسة؛ ومن هنا فقد رفض (58.7%) من المشاركين في هذا الاستطلاع فكرة طرد الشركات الأيرانية والتركية العاملة رداً على قصف الدولتين لحدود كوردستان، وربما كان السبب وراء رفض هذه الفكرة هو يقين الشارع الكوردستاني بأن هكذا خطوة ستؤثر بشكل سلبي وكبير على الاقتصاد الكوردستاني دون أن تتمكن من تحقيق أهدافها السياسية، وهو الأمر الذي دفع بـ (62.2%) من المشاركين في هذا الاستطلاع الى التأكيد بأن طرد الشركات الايرانية والتركية من كوردستان لن يؤثر في موقف الدولتين ولن يجبرهما على أيقاف قصفهما لحدود كوردستان.
لقد أظهر هذا الاستطلاع بأن هناك خلاف كبير يقسم الشارع الكوردستاني أزاء الموقف من أستمرار عمليات الحزبين الكورديين (PKK) و (PJK)، حيث أكد (45.3%) من المشاركين في هذا الاستطلاع بأن على الحزبين الكورديين أيقاف عملياتهما العسكرية المسلحة واللجوء الى الحوار والطرق الدبلوماسية والنضال السلمي لتجنيب المدنيين التعرض للقصف الأيراني – التركي، فيما أكد (42.4%) من المشاركين ضرورة عدم أتخاذ الحزبيين الكورديين لهكذا خطوة، وربما كان السبب الذي يدفع بالكثيرين الى عدم تأييد فكرة ألقاء السلاح من قبل الحزبين الكورديين واللجوء الى المفاوضات والطرق السلمية هو عدم ثقة هؤلاء بالطرف الآخر، ومن هنا فقد أكد (49.7%) من المشاركين في هذا الاستطلاع بأن الدولتين (أيران وتركيا) لن تتوقفا عن قصفهما لحدود كوردستان حتى أذا فكر الحزبان الكورديان بألقاء السلاح واللجوء الى الحوار والطرق الدبلوماسية والنضال السلمي، فيما أصر (42.4%) من المشاركين في هذا الأستطلاع (وهي نسبة كبيرة أيضا) على أن أيران وتركيا ستتوقفان عن القصف أذا ما فكر الحزبان الكورديان باللجوء الى النضال السلمي.
لقد أظهر هذا الاستطلاع بأن الشارع الكوردستاني يدرك جيدا بأن السياسة تحتاج في عديد من الحالات الى التحول في أشكال النضال، ومن هنا فقد أكد (46.8%) من المشاركين في هذا الاستطلاع بأن شعبية وقوة الحزبين الكورديين (PKK) و (PJK) لن تتأثر أذا ما فكرا بألقاء السلاح في هذه المرحلة واللجوء الى النضال السلمي، في اشارة واضحة الى أدراك الشارع الكوردستاني لمدى قوة الثقة التي تربط هذين الحزبين وربما جميع الأحزاب الكوردستانية بقواعدها وكوادرها، فهم لا يتأثرون كثيرا عندما يقرر أي من تلك الأحزاب ألقاء السلاح بشكل مؤقت والتحول الى طريق المفاوضات والنضال السلمي، بل لقد أثبتت التجارب خلال العصر الحديث بأن الأحزاب الكوردستانية تزداد شعبية عندما تقرر دخول معترك النضال السلمي والمفاوضات، في اشارة واضحة الى وجود روح سلمية عظيمة عند شعب كوردستان تضاف الى روحه القتالية التي طالما كانت مضربا للمثل في الشجاعة والفداء والثبات حسب الكثيرين.
لقد أظهر هذا الأستطلاع بأن الشارع الكوردستاني ينظر الى الرئيس مسعود بارزاني بأعتباره قائدا قوميا ورمزا نضاليا كبيرا يفوق في حجمه الشعبي والتاريخي حجم أي حزب كوردستاني مهما كان كبيرا وذو شعبية واسعة، وعلى أساس هذا التقييم أكد (73.3%) من المشاركين في هذا الأستطلاع بأن الرئيس مسعود بارزاني يستطيع الأضطلاع بدور مؤثر وكبير على طريق التمهيد لفتح باب الحوار والتفاوض بين الأطراف المتنازعة لتجنيب الجميع ويلات الحرب والقصف.
المصدر:
منظمة بوينت لأستطلاعات الرأي والدراسات الأستراتيجية
(p00pss)
www.pointnumber.com
تعليقات