خالد سليمان
(... نظراً لكون جميع الشهود، الذين استخدمتهم الشركة الالمانية في المنازعة القضائية، هم من الاخوة الايزيديين فلا نعرف كيف حلفتهم المحكمة الموقرة ولاسيما ان القرآن والكتب السماوية الأخرى لا تدخل في عقيدتهم وديانتهم، لذلك فان شهادتهم لم ترتق الى مستوى شهادات تصلح للاثبات).
هذه الفقرة أعلاه كانت ضمن المرافعة القانونية لشركة محلية بمحافظة السليمانية أمام دعوى قضائية أخرى رفعت من قبل شركة أجنبية، بسبب عدم الالتزام بالعقد المبرم بين الجانبين.
ولو كانت هذه المشكلة القانونية الموجودة بين شركة محلية "كردية" وأخرى أجنبية "المانية"، ولم تخرج عن نطاق العمل والأموال والعقود والفوائد والخسائر، لمرت ككافة مشاكل البلاد الأخرى ولم تكن تكتسب أهمية تذكر، ولكن والحال هكذا، ورغم التزام الاعلام والسلطة الكردية جانب الصمت إزاء هذه المشكلة، لأن المسألة لا تتحمل ان ننظر إليها كقضية مالية بحتة، بل يجب اعتبارها خطراً على مشروع الاصلاح في النظام "القضائي" من جهة، ومعاداة المجموعات الدينية والثقافية المختلفة في اقليم كردستان من جهة أخرى.
فإن لم نأخذ هذين الخطرين المتعلقين بالنظام القضائي ومساواة الأفراد والمجموعات الاجتماعية أمام القضاء وحماية التنوع الثقافي، بعين الاعتبار ولم يتحولا الى جوهر لأي مباحثات بخصوص الاصلاحات وأسس المجتمع المدني، فسنرى أنفسنا أمام عالم كردي مغلق. لأن حرمان أو محاولة حرمان أي شخص أو مجموعة دينية، ثقافية، اجتماعية من حقوقه تحت عنوان وستار الدين وتقنينه، لا يعني سوى العودة الى عقلية الأكثرية واضطهاد الأقليات، لأن الكرد أنفسهم كانوا ضحية لثقافات وأمور كهذه.
وهنا أرى نفسي أمام ملاحظتين رئيسيتين، الأولى هي ان النصوص القانونية ورغم ان الدين يعتبر أحد مصادرها، فهي تراعي حقوق الأشخاص وليس أديانهم ومعتقداتهم واعتقاداتهم، بل لو عدنا الى دساتير تلك البلدان التى تحتل فيها الشريعة مكان الدستور المدني، فان هناك شيئاً يسمى حقوق "أهل الذمة"، ويبدو انه من المستحيل القبول بهذا الشيء أيضاً في هذا الزمان، ولكن الاشارة الى هذا الشيء في هذا الموضوع لا يعني الحل، جاء ذكره في السياق التاريخي لا أكثر.
الملاحظة الثانية هي ان أحد المبادئ الأساسية للديمقراطية هو حماية حقوق الأقليات في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفردية، بمعنى آخر، ان الديمقراطية خارج إطار تعدد الثقافات وحماية المجموعات الأثنية والاجتماعية وإشراكها في المؤسسات القانونية والإدارية والقضائية، لا تعدو أكثر من تصور لمجتمع "هوموجين"، أي مجتمع ذي لون وصوت واحد، وهذا هو النموذج ذاته الذي كان يتصوره البعث والنازية والستالينية.
تر: احسان ايرواني
Source: Aknews
تعليقات