خالد سليمان
الثلاثاء, 13 مارس 2012
«هم سفهاء مجانين وهم آفة في المجتمع المسلم يجب على المختصين إنهاؤهم من ذي بدء تحت طائل القانون». كان هذا جواب رجل الدين العراقي المتشدد مقتدى الصدر على رسالة وجّهها اليه الشيخ علي الساعدي القيادي في الحركة الصدرية، طالباً منه إبداء رأيه حول شباب عراقيين أطلق عليهم إسم «الإيمو»، أي العاطفيين.
يكتب علي الساعدي في رسالته: «ظهرت ظاهرة غريبة تثير الجدل في مجتمعنا وهي ظاهرة «الإيمو» والتي تعني «التمرد والنفس الحساسة»، وهي حالة ظهرت في المجتمعات الغربية في أميركا الشمالية تحديداً منذ سنوات عدة نظمها شباب من كلا الجنسين وسمّوها بذلك وأطلقوا على أنفسهم لقب «أصدقاء الشيطان»، ومن أفكارهم الغريبة الحزن والتشاؤم والاكتئاب والصمت والخجل ورسم الوشم وارتداء الملابس السود والقاتمة والسراويل الضيقة جداً ووضع أغطية للمعصم». وبعد كلمات وأوصاف أخرى لا ترتبط بواقع الشباب العراقي بصلة، يسأل الساعدي الصدر: «فما توجيه سماحتك لأولياء الأمور والأساتذة ورجال الدين من الحيلولة دون انتشار هذه الظاهرة المقيتة؟».
قبل هذه الفتوى الصادرة عن الصدر، صدر كتاب رسمي عن وزارة الداخلية ونشر في الموقع الرسمي للوزارة بتاريخ 13/2/2012 جاء فيه: «كشفت مديرية الشرطة المجتمعية التابعة لوزارة الداخلية ان ظاهرة «الإيمو» أو عبدة الشيطان متابعة من جانبهم، ولديهم موافقات رسمية بالقضاء عليها بأقرب وقت ممكن».
كما يشير إلى انهم «يلبسون ملابس غريبة وضيقة وعليها رسوم مثل جماجم، ويستخدمون أدوات مدرسية على شكل جماجم، ويضعون أقراطاً في أنوفهم وألسنتهم وغيرها من المظاهر الغريبة».
وتشير الأرقام غير الرسمية في بغداد العاصمة إلى قتل ما لا يقل عن 95 شخصاً على يد ميليشيات دينية بالتهمة ذاتها، فيما لا تعترف وزراة الداخلية سوى بـ58 شخصاً، كما ان هناك قائمة تضم أسماء شباب تم وصمهم بكلمة «الإيمو».
تستوجب هذه السياسة التي تمارسها أطراف دينية مذهبية وحكومية ضد عدد من الشباب بسبب اختيارهم ملابس وإكسسوارات وتصفيف شعر خاص بهم، وقفة جدية ليس على المستوى الداخلي فحسب، بل على المستوى الدولي. ذلك انها تشكل بادرة لا تذكّر إلا بالتجربة النازية في ألمانيا حين بدأ الطبيب ألفريد بلويتز نشر أفكاره حول ما سمّاه بتحسين النسل البشري من طريق تغييرات اجتماعية بغية تأسيس مجتمع أكثر ذكاء وإنتاجية لوضع حد لما سمّاه بـ «المعاناة الإنسانية». وقد صدر كتاب بعد 16 عاماً من نشر أفكار ذلك الطبيب بعنوان «الرخصة للقضاء على الأحياء الذين لا يستحقون الحياة» للكاتب والقانوني كارل بايندنك والطبيب النفسي ألفريد هوغ. وكان الكتاب عن القيام بتعجيل القتل الرحيم للمصابين بالأمراض المستعصية.
ما يحدث في بغداد يعيد الى الأذهان تلك الصورة التي رسمها ألفريد بلويتز للمجتمع الألماني في بدايات القرن العشرين. فالإقرار بأن هؤلاء الشباب «آفة في المجتمع ويجب إنهاؤهم»، هو ايضاً رسم مجتمع بلا أغصان و «حل نهائي» للمظاهر الاجتماعية المغايرة لمتخيّل نخبة سياسية دينية لا تكترث بجعل القتل أمراً روتينياً في «العراق الجديد»، بعدما كان واقعاً يومياً في عهد صدام حسين. ففيما كان التصور الألماني لتحسين النسل والنقاء الاجتماعي يعتمد على التخلص من المرضى وكبار السن قبل الوصول إلى الأعراق والأجناس الأخرى والمثليين، يعتمد تصور «العراقيين الجدد» على التخلص من «الشباب». إنها بداية فقط!
المصدر:
تعليقات