خالد سليمان
الأحد ١٣ مايو ٢٠١٢
نحن والعراق كـ «شقي تفاحة» انفصلتا بـ «دسائس» بعض الدول. هذا ما قاله النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي خلال افتتاحه معرض إمكانات محافظة خوزستان في منطقة أروند الإيرانية قبل أيام. لنفترض للوهلة الأولى أن إيران نصف تفاحة مخبأ ولم يتذوقها أحد، وفي السياق نفسه لنفترض أن حقوق الإنسان في إيران مصانة وليست هناك إعدامات في الساحات العامة ولا هناك شرطة تبحث عن ظهور خصلات شعر الإيرانيات في الأماكن العامة، ولا تقمع التظاهرات ولا تطلق يد «الباسيج» لقتل من يعارض نظام الملالي، ولا يتم اعتقال طالبات جامعيات بتهمة تناولهن التفاح في ممرات الكليات بأساليب تثير الغرائز، كما تقول شرطة الأخلاق في البلاد... إلخ.
افتراضاً، هناك تالياً نصف تفاحة متخيل على هوى «الإيرانيين الجدد» الذين ينتمي إليهم محمد رضا رحيمي، ولم تصل الديدان إلى هذا النصف. لكن الحديث عن الشق العراقي، أي النصف الثاني من التفاحة الذي أشار إليه محمد رحيمي (وهو من المقرّبين من محمود أحمدي نجاد ويقود تياراً قومياً متطرفاً خلف المشهد السياسي السائد في إيران) فهو قبل كل شيء إشارة مبكرة إلى الحاجة الماسة لعراق هش من جانب وإلى شخص نوري المالكي وحكومته من جانب ثانٍ. وهو في الوقت ذاته نثر سياسي يلتجئ إليه ساسة إيران كلما تلاشى المنطق على يدهم. وإلّا من الذي يصف عراق اليوم حتى بنصف تفاحة؟
تحتاج إيران لعراق كلما ضاق على حكومته الخناق استنجد رئيسه بطهران وسلمها مفاتيح إدارة الأزمات وإدارة الأزمات الإقليمية بطبيعة الحال. والمشهد العراقي الراهن إذ يتميز بتصدع قوّي على المستوى الداخلي والإقليمي (المشهد السوري تحديداً) دليل واضح على الدور الذي أُحيل لحكومة نوري المالكي في الوقت الحالي. كما تحتاجه أيضاً إيران لملء ذلك الفراغ الذي تركته الثورات العربية في الأنظمة السياسية إذ جُرّدت إيران، ولو عن بعد، من دور قيادة المقاومة ومن هويات سياسية مزدوجة استطاعت استثمارها في سورية ولبنان والساحة الفلسطينية منذ نهاية الثمانينات حتى نهاية العقد الأول من هذا القرن.
وبالعودة إلى العراق، ونصف التفاحة الذي يشير إليه محمد رحيمي، فبعد مرور ما يقارب عقد على سقوط نظام صدام حسين لا زالت ساحات القتل والثأر الطائفي والتعذيب والمحاكمات بلا محاكم مفتوحة، ولا زال الفساد مستشرياً في جميع مفاصل الدولة، ولا زال الشباب يقتلون بسبب اختيارهم الملابس وتصفيف الشعر كما تُكم الأفواه في المنازل. وهو فوق كل ذلك بدأ يصير جحيماً للصحافة والإعلام.
المصدر: صحيفة الحياة
13/5/2012
تعليقات