محمد بلوط
سباق تركي روسي على كردستان الغربية. ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي، والمبعوث الخاص لفلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط، اجتمع إلى القيادة الكردية لحزب الاتحاد الديموقراطي، القوة الرئيسية التي تسيطر على المناطق الكردية في الشمال السوري.
الاجتماع الذي لم يكشف عنه تم في اربيل بشكل متزامن مع وصول وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الثلاثاء الماضي إلى عاصمة إقليم كردستان العراق. وهي المرة الأولى التي يلتقي فيها مسؤول روسي على هذا المستوى ممثلين أكراد بالقرب من الأراضي السورية، التي بات حزب الاتحاد الديموقراطي، يديرها بشكل ذاتي، وعبر هيئات منتخبة، منذ ما يقرب العام.
وفي هذه الأثناء، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع قرار سعودي يدين استخدام النظام السوري للعنف، ويطالب بعملية انتقالية وبوقف استخدام الأسلحة الثقيلة من قبل القوات الحكومية، عارضته روسيا والصين وإيران، فيما امتنع لبنان والجزائر عن التصويت. وأعربت موسكو عن «قلقها» البالغ من تطورات الوضع السوري، وخاصة في مدينة حلب التي شهدت أمس مواجهات عنيفة في حي صلاح الدين الذي يحاول الجيش اقتحامه.
وبدأت المداولات لتعيين خليفة للمبعوث الدولي والعربية إلى سوريا كوفي أنان. وأبرز المرشحين للمنصب وزير الخارجية الاسباني الأسبق ميغيل أنخيل موراتينوس، والفنلندي مارتي اهتساري الذي ساهم في إنهاء صراع كوسوفو، المدّعية العامة السويسرية السابقة كارلا دول بونتي، والمبعوث الدولي السابق إلى افغانستان ستيفان دومسيتورا. وقال ديبلوماسي غربي إن موراتينوس الأوفر حظاً بين هؤلاء.
روسيا والأكراد
ويبدي الروس اهتماماً كبيراً لمعرفة خطط الأكراد في المنطقة التي باتوا يسيطرون عليها، خصوصا بعد التهديدات التركية بالتدخل ضدهم، وبعدما تحولوا إلى لاعب رئيسي في الشمال السوري، الذي انسحب منه الجيش السوري، للتفرغ للقتال على جبهات اخرى، فيما تشهد المناطق الكردية على المقلب التركي مواجهات يومية بين أنصار حزب العمال الكردستاني، وفي المدن التي يسيطرون على بلدياتها.
ويشكل الحزام الكردي، الذي يسيطر على مدنه وبلدياته حزب العمال داخل الاراضي التركية بموازاة «كردستان الغربية» السورية، عمقاً استراتيجياً لحزب الاتحاد الديموقراطي، ورادعاً حقيقيا للجيش التركي، «قد ينفجر بوجهه اذا ما حاول اختراق المناطق الكردية السورية»، كما قال مسؤول في اوروبا من حزب العمال الكردستاني لـ«السفير».
وقال مسؤول كردي سوري لـ«السفير» إن الوفد الذي التقاه بوغدانوف، هو نفسه الوفد الذي رفض أحمد داود اوغلو لقاءه بحجة تبعية اعضائه من حزب الاتحاد الديموقراطي إلى حزب العمال الكردستاني، واتهامه إياه بالإرهاب.
وسمع بوغدانوف تطمينات من الأكراد بأن الإدارة الذاتية أقيمت تعويضاً عن غياب الدولة السورية في المنطقة وأنها ستنتهي عندما تستقر الأمور، وأنه لا توجد نيات انفصالية لدى الأكراد السوريين وأنهم يعملون في إطار الدولة السورية، ولن يكونوا سبباً في أي توتر بين دول المنطقة.
وقال المصدر المعارض إن احمد داود اوغلو قد حاول تقسيم الجبهة الكردية، وإفشال تطبيق الاتفاق بين حزب الاتحاد الديموقراطي، و14 حزباً كردياً منضوياً في المجلس الوطني الكردي، على تشكيل هيئة عليا مشتركة لإدارة المجلس الشعبي لكردستان الغربية، والهيئات المنبثقة عنه.
ونجح وزير الخارجية التركي بالتسبب بنشوب خلاف بين الأكراد، الأربعاء الماضي، بإصراره على لقاء يقتصر عليه وعلى عبد الباسط سيدا، رئيس المجلس الوطني السوري الذي ترعاه اسطنبول، وممثلي الأحزاب الكردية، يستثنى منه الاتحاد الديموقراطي.
وقال معارض كردي سوري، إن صالح مسلم محمد، الأمين العام لحزب الاتحاد الديموقراطي، اتهم الأحزاب الكردية الأخرى بالتفريط بوحدة الموقف، بموافقتها على الشروط التركية وحضور الاجتماع الذي استثني منه الاتحاد الديموقراطي، شريكهم في الهيئة الكردية العليا.
وقال المعارض السوري إن الاتحاد الديموقراطي يرى ان صفقة عقدت بين الأحزاب الكردية والمجلس الوطني السوري، لضمها إلى مؤسساته، لقاء عزل الاتحاد الديموقراطي. واتهم الاتحاد الديموقراطي الأطراف الأخرى بالتفرد في اتخاذ المواقف، من دون الرجوع إلى الهيئة العليا المشتركة، ووعد بالرد على التفرد في المواقف، بعدم العودة مستقبلا إلى اربيل، ودعوة من يطلب اي لقاء بالذهاب إلى القامشلي، مقر المجلس الشعبي لكردستان الغربية.
وأكد رئيس المجلس الوطني السوري المعارض عبد الباسط سيدا في اربيل ان «الجيش السوري الحر» لم ولن ينسحب من حلب حيث يقاتل القوات النظامية، مشيراً الى ان المجلس على تواصل مع المقاتلين المعارضين للرئيس بشار الأسد «لتقديم الإمداد لهم».
حلب والجمعية العامة
وتواصلت الجمعة الاشتباكات العنيفة في حلب شمال سوريا حيث تحاول القوات النظامية اقتحام حي صلاح الدين. واستطاعت القوات النظامية التقدم نحو 50 متراً داخل حي صلاح الدين فيما تمكن مقاتلو الجيش السوري الحر من السيطرة على حي الاذاعة بالكامل بالإضافة الى بعض مراكز الشرطة والأمن، بحسب ما اكد قائد كتيبة «نور الحق» في «الجيش الحر» واصل ايوب، فيما قال النائب المساعد للأمين العام للامم المتحدة لحفظ الأمن هيرفيه لادسو إن المعركة «الكبرى» في حلب «وشيكة».
وفي المقابل، وافقت الجمعية العامة للامم المتحدة المؤلفة من 193 دولة على مشروع القرار غير الملزم الذي أعدّته السعودية ويعبر عن «القلق البالغ» لتصاعد العنف في سوريا. وكان 133 صوتاً لمصلحة القرار وعارضه 12 صوتاً وامتنع 31 عضواً عن التصويت. ويدين القرار لجوء «السلطات السورية الى الاستخدام المتزايد للأسلحة الثقيلة، والقصف العشوائي من الدبابات والمروحيات»، داعياً السلطات الى الوفاء بوعدها بـ«سحب قواتها والأسلحة الثقيلة الى الثكنات». ويطالب القرار بتأليف «هيئة انتقالية توافقية حاكمة»، وبتعاون كل الأطراف مع موفد الجامعة العربية والامم المتحدة كوفي انان على تنفيذ مرحلة انتقالية تمهد لانتخابات حرة.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية ان روسيا «قلقة جداً من التطور الخطير» للوضع في سوريا. وقالت الوزارة في بيان إن «موسكو قلقة جداً من التطور الخطير للوضع في سوريا واستمرار اعمال العنف والاستفزازت الرامية الى توسيع حجم النزاع ووحشيته» في سوريا، مؤكدة أن «معاناة المدنيين السوريين تزداد باستمرار».
إلى ذلك، قال نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل في موسكو إن رحيل الرئيس الأسد لن يحل الأزمة في سوريا. وقال جميل خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الروسية «لنفرض انه ستكون هناك استقالة، ماذا بعد؟ فالأطراف لا تستطيع الاتفاق حتى حول بدء حوار والجلوس الى طاولة المفاوضات»، مضيفاً انه ينبغي فتح حوار لحل الأزمة سياسياً، مشيراً الى انه في حال رحل الأسد فلن يكون هناك طرف يمكن التفاوض معه.
واتهم جميل الولايات المتحدة، التي تصر على رحيل الأسد على غرار ما تفعل المعارضة السورية، «بالنفاق». وقال «الغرب لديه موقف منافق، اذ انه لا يساهم في إنشاء شروط للحوار، ولا يرغب بأن يكون هناك سلام، بل يريد استمرار نزف الدم».
المصدر:
تعليقات