التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عودة مقتدى الصدر


خالد سليمان

   لإحتلال مبنى البرلمان العراقي الأمس (٣٠/أبرل/٢٠١٦) من قبل حشود الحركة الصدرية وبقيادة مباشرة من مقتدى الصدر، معان كثيرة، أولها إظهار قدرة هذه الحركة التي تتميز هويتها بدينامية شعبوية دينية، ومذهبية بطبيعة الحال، على إختراق المشهد السياسي في العراق من قاعه وقلب المعادلات السياسية. أما النقطة الثانية فهي جعل “المظلومية” محركاً أساسياً للتحشيد بين الجمهور الشيعي الأكثر فقراً وحرماناً، والبيت الصدري، في المخيلة ذاتها ملازم للزهد وتمثلات الفقر. يمكن إعتبار المستوى الثالث من المعاني ذاتها ضرب رمزي للمؤسسات الشيعية التقليدية المتمثلة بمرجعيات السيد على السيستاني والحكيم والصرخي والنجفي والفياض واليعقوبي بغية التقليل من شأنها في القرار السياسي وهلاك أطيافها وراء سلطة الشيعة السياسية. 

   من هنا يمكن القول بأن إحتلال البرلمان هو إعلان جديد، أو ولادة جديدة للحركة الصدرية قبل ان يكون غضب شعبي ضد الفساد المنتشر في مفاصل الدولة والمحاصصة … الخ من مشكلات العراق المستمرة في إعادة تدوير ذاتها. والأهم في هذا الإعلان هو الإنغماس الكلي في التحشيد المجتمعي  ووضع إطار آخر غير ذلك الإطار التقليدي الذي تميزت بها الحركة في الأعوام السابقة. كما انها استطاعت استقطاب رموز ثقافية وأدبية وسياسية يسارية، ووسعت تالياً، نطاق إحتجاجات بغداد بنكهة الشباب المتطلع للعدالة والحرية.
وقد استثمر مقتدى الصدر في ذلك، بالإضافة إلى الرأسمال الرمزي للشيعة، تراث (الخميني) في استقطاب جميع التيارات الفكرية والسياسية إلى حين انتصار الثورة الإيراني عام ١٩٧٩. وكانت النتيجة العكسية بعد أشهر من سقوط نظام الشاه القضاء على اليسار والحركة النسوية والشبابية الإيرانية وتثبيت أعمدة النظام الأكليركي.

   كانت هناك اسئلة بسيطة و واضحة فيما خص السياسة الشعبوية، الدين الشعبوي، الثقافة الشعبوية...إلخ من الشعبويات في العراق، مَن فوض من للتكلم باسم الشعب، هل هناك عقد برلماني، اجتماعي، ديني، سياسي يفوض شخص ما التكلم باسم الشعب، هل الشعب (قطيع) يريد الجميع تمليكه؟ في عراق عهد صدام انسحبت الدولة لصالح نرجسية عالية مزجت بين الدموية الخالصة وبين جسد الديكتاتور وسجل مختلق لعائلة الديكتاتور، فيما انسحبت السياسة في عراق عهد الطائفية لصالح نرجسية قد تربط فكرة الدموية بالخالصة بوهم إستعادة تاريخ يشتعل مع أول عود ثقاب. لم يسأل احد من المثقفين والشعراء والباحثين الذي التقوا بالسيد مقتدى الصدر عن مشروعه للإصلاح، كما لم يسأله أحد عن قتل عناصر حركته شباب “الإيمو” ببغداد عام ٢٠١٢، فيما هو الآن باستقطاب الشباب قبل غيرهم إلى ساحات الإعتصام والإحتجاج، ولم يسألوه بطبيعة الحال عن كل تلك الأعمال الشنيعة التي قام بها جيش المهدي، وهل عناصره الذين ألقوا السلاح جانباً لصالح “التحشيد المدني”، موجودون في ساحة الحرية.

   إقتضابا، يمكن تلخيص تاريخ مقتدى الصدر وحركته في أربع محطات بارزة، تمثلت الأولى بإغتيال السيد مجيد الخوئي في الكوفة في الأيام التي سقط فيها نظام صدام حسين (٢٠٠٣)، وقد كتم الشيعة أنفسهم على تلك الجريمة داخل “البيت الشيعي”. أما المحطة الثانية فكانت معركة النجف عام ٢٠٠٤، عبورا بصولة الفرسان ٢٠٠٧ - ٢٠٠٨. وكانت المحطة الثالثة عبارة عن حشود «ضخمة» استعرضها مقتدى الصدر اواسط شهر حزيران ٢٠٠١ في بغداد، تشكلت من عناصر ميليشيا «جيش المهدي»، وقدر عددها بـ30 ألف عنصر إذ أعتبر الكثير حينئذ انها بداية أزمة سياسية وأمنية سيشهدها العراق. وقد شهدها يوم ٣٠/نيسان/٢٠١٦ حين توج الصدر محطته الرابعة والأخير باحتلال البرلمان.

   قصارى القول، كشفت مراحل نشوء وبروز واستفحال الحركة الصدرية في العراق عن نقاط غير متوقعة ومكامن ضعف كثيرة تميز بها المجتمع العراقي، أولها تاريخ قابل للإشتعال في أية لحظة 

*نشرت هذه المادة في جريدة (الحياة)، يوم ٧/٥/٢٠١٦


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أزمة المياه تهدّد الشرق الأوسط.. والعراق على الخط الأحمر

خالد سليمان  يشير مدير المعهد العلمي للبيئة في جامعة جنيف مارتن بينيستون إلى ذوبان شبه كلي لثلوج جبال الألب نهاية القرن الحالي، حيث لا يبقى سوى القليل منه في الأعالي. يعود سبب ذوبان هذه الثلوج التي تغذي أنهار (راين، دانوب، بو، رون) ويعتمدها ١٦٠ مليون نسمة في غالبية أنحاء أوروبا للزراعة والنقل والطاقة والغذاء، إلى التغيير المناخي وارتفاع درجات حرارة الأرض، ناهيك عن الازدياد السكاني حيث تشير الإحصائيات المتوقعة إلى وصول نسبة سكان المعمورة إلى ١٠ ملايين نهاية هذا القرن.  كانت هذه الصورة بداية لمؤتمر دولي بعنوان “السلام الأزرق” حول دور المياه في السلام والتنمية المستدامة في الشرق الأوسط نظمه Stratigic Foresight Group وجامعة جنيف بالتعاون مع وكالة سويسرا للتنمة والتعاون الاسبوع الثاني من شهر أكتوبر ٢٠١٥. 

هەر دەوڵەتێکی کوردی لەم دۆخەدا لە دایکبێت، وەک ئەوەی باشوری سودان دەبێت*

خالد سلێمان سیاسەتی ڕاستەوخۆ، ناڕاستەوخۆی شانشینی سعودی، قەتەر، تورکیا بەرامبەر عیراق و سوریا، لە حەڵەتی پاشەکشەی یەکجارەکی پرۆژەی دەسەڵاتێکی ئیسلامی ( ئیخوان، بەرەی نوسرە، ئەحراری شام، سوپای ئیسلام .. هتد ) ، کار بۆ دامەزراندنی کیانێکی سوننەی سەربازی دەکات، کە دور نیە، بەعسیەکانی ناو داعش، تۆوی ئەو کیانە بن . یانی داعشیش بەشێک دەبێت لە نەخشە سعودی - قەتەری - تورکیەکە .  ئێستا هەوڵی هەرسێ جەمسەرەکە لەوەدا کۆدەبێتەوە، چۆن لە ڕێگەی پارتی دیموکراتی کوردستان و پارتە کوردیەکانی ناو ئیئتلافی ئۆپۆزسیۆنی سوریاوە، کوردیش بەشێک بێت لەو کیانە سوننییە . لەوانەیە ئەمە باشترین دەروازە بێت بۆ تەماشاکردنی دیمەنی هەرێمی کوردستان، کە لە ڕوی سیاسی و ئابوری و کۆمەڵایەتییەوە لە خراپترین ئاستیدایە، بگرە لەبەردەم داڕوخانێکدایە کەس مەزەندەی دەرەنجامەکانی ناکات . بەڵام ئەوەی لەناو دیمەنێکی سیاسی، سۆسیۆ - ئابوری خراپی وەک ئەوەی ئەمڕۆماندا، هەژمونی خۆی هەیەو ڕای

MIDDLE EAST Human Rights Watch outraged by video showing Syrian rebel commander Abu Sakkar cutting out government soldier's heart and eating it

By John Hall A graphic video has emerged of a Syrian rebel commander cutting the heart out of a  soldier’s chest and biting into it. Described by Human Rights Watch as “emblematic” of a civil war that has rapidly descended into sectarian hatred and revenge killings, the amateur footage was posted on the internet yesterday - sparking outrage among opposition figures, as well as supporters of President Bashar al-Assad. Human Rights Watch said the video shows Abu Sakkar – the prominent founder of rebel group Farouq Brigade, which originated in Homs. In the clip, Sakkar cuts into the chest of the dead soldier before ripping out his heart and liver and declaring: “I swear to God we will eat your hearts and your livers, you soldiers of Bashar the dog”. To off-screen cheers and chants of “Allahu akbar [God is Great]”, the man then bites into the heart. The Syrian conflict started with peaceful protests in March 2011, but when these were suppressed it gradually turned int...