خالد سليمان
أثارت الاتفاقية السياسية الموقعة بين الاتحاد الوطني الكُردستاني وحركة التغيير في 7 أيار (مايو) في السليمانية، حفيظة الحزب الديموقراطي الكُردستاني بزعامة مسعود بارزاني الذي لم يرحب بالإتفاقية واعتبرها في بيان، عاملاً من عوامل توسيع الفجوة بين الأطراف السياسية في إقليم كُردستان. وعاد ليعتبر في لقاء مع وفد من الاتحاد الأوروبي أن «المصالح العليا» لشعب كُردستان تفوق الخلافات بين الأطراف السياسية.
كان السؤال الأول في الشارع الكُردي في ما خص موقف حزب بارزاني هو، لماذا كل هذا «التشنج» على مستوى قيادة الحزب، وفي شبكات التواصل «السياسي» بطبيعة الحال؟ لماذا تم ربط الإنفصال عن العراق في شوارع أربيل في الساعة نفسها التي تم فيها توقيع الاتفاقية بين الاتحاد الوطني وحركة التغيير، ولماذا لمح بعض من القيادات المحلية «للديموقراطي» إلى استخدام السلاح إن أرادت الاتفاقية لجم رغبة حزبهم في ما خص وضع دستور رئاسي دائم للإقليم؟
هناك ثلاث نقاط رئيسية في الاتفاقية الموقعة بين الإتحاد الوطني وحركة التغيير أثارت حفيظة «الديموقراطي» وهي: «الجانبان يشددان على ضرورة قيام نظام برلماني في اقليم كردستان... رئيس الاقليم يتم انتخابه داخل البرلمان، ورئيس الحكومة سيكون مسؤولاً مباشراً عن السلطة التنفيذية».
الأزمة الحالية في إقليم كُردستان حيث تم تعطيل البرلمان بقرار سياسي استفرد به «الديموقراطي» في ٢٠١٥ حيث طرد رئيس البرلمان من أربيل ومنعه من ممارسة عمله، هي نتاج وقوف الاتحاد الوطني وحركة التغيير إلى جانب النظام البرلماني، وكادت ان تتفجر الأوضاع بسبب هذا الخلاف خريف ٢٠١٥. لذلك يمكن اعتبار إعادة التأكيد على النظام البرلماني للحياة السياسية في إقليم كُردستان في الإتفاقية المبرمة، النقطة الأولى التي أثارت إنفعال «الديموقراطي» حيث دعا واحد من كوادره الوسطية، آري هرسين، وهو عضو في البرلمان في ذات الوقت، إلى اللجوء إلى السلاح للحفاظ على موقع «الرئيس»، لأن الإتفاقية برأيه تستهدف النظام الرئاسي.
جاء في بند آخر من بنود الإتفاقية: «الجانبان متفقان على تطبيق وتطوير النظام اللامركزي والإداري في اقليم كردستان، في شكل يعطي مجالس المحافظات الصلاحية الكاملة ادارياً ومالياً وتقنياً لتسيير الأمور الادارية للمحافظات، وذلك من خلال تعديل قانون (3) من عام 2009 الخاص بمجالس المحافظات». وتشير هذه النقطة في شكل واضح ليس إلى تجاوز الروتين الإداري والأمور الإجرائية في ما خص المحافظات فحسب، بل إلى وضع آليات جديدة في ما خص الواردات المالية والضرائب والخدمات، حيث يمكن المحافظة رسم السياسات التي تبتغيها للحكم، والنموذج الذي تختاره للإدارة والتنمية. ويقف الحزب الديموقراطي ضد هذا التوجه، ذاك انه يقلل من صلاحيات رئاسة الإقليم أولاً، ومن صلاحيات العاصمة أربيل ثانياً.
النقطة الثالثة التي أثارت إنفعال «الديموقراطي» هي ان الاتحاد الوطني وحركة التغيير يشددان في الإتفاقية على «تجريم الحرب الداخلية والحرب ضد الأطراف الكردستانية». وقد يفهم من هذه النقطة «إعتذار» كُردي عن «اقتتال الأخوة» المتكرر خصوصاً ان في النقطة ذاتها، إشارة واضحة إلى حروب أخرى لم تعلن بعد، وقد تكون داخلية لإنهاء الصراع، أو فرض أمر واقع، أو ضد جهات كُردستانية خارج الإقليم.
*نشر هذا المقال في صحيفة "الحياة" عددها الصادر يوم ٢٧ مايو/ أيار ٢٠١٦
تعليقات