التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تركيا وايران قطعتا تدفق مياه “دجلة الخير” على العراق

خالد سليمان
حدثان مائيان متزامنان يعطشان العراق، ويغرقانه في أزمة إنسانية، وبيئية وسياسية لن تكون آثارها أقل كارثية من آثار احتلال داعش لأجزاء واسعة من البلد عام 2014. الحدث الأول هو بدء تركيا بالعمل في سد أليسو الذي أنشئ على نهر دجلة بالقرب من الحدود العراقية.
ويعتبر أليسو من السدود العملاقة عالمياً إذ يتميز بطاقة تخزينية عالية تصل إلى 12.2 مليار متر مكعب من المياه ويستغرق ملؤه سنوات عدة. وقد بدت آثار التخزين، على نهر دجلة في بغداد والموصل وانخفض منسوب المياه الى حدٍ تجرّأ فيه مواطنون عراقيون عبور النهر في بغداد مشياً على الأقدام، وظهر ذلك في مقطع فيديو نشره الناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي وأعادت نشره وكالات عربية وعالمية.

وتقع أهم مدن العراق على دجلة “الخير” كمدن الموصل، وبيجي، وتكريت، وسامراء، وبعقوبة، والعاصمة بغداد، والحلة،، والمدائن، والكوت، والعمارة والقرنة وغيرها، ناهيك عن سدود ومنشآت كهربائية أقيمت على مجرى النهر، ما سيحرم هذه المدن والمنشآت وغيرها من مياه الشرب والرّي وتوليد الطاقة. وسيخسر البلد مسطحات مائية كثيرة بما فيها من ثروات طبيعية وحضارية، منها الأهوار الجنوبية التي تتغذى غالبيتها من النهر. أما شمالاً، وفي سد الموصل تحديداً، انخفضت نسبة المياه أكثر من 3 مليارات متر مكعب عن العام الماضي، وتبين صور تم التقاطها عبر الأقمار الصناعية مدى تأثير التحكم التُركي في تدفق المياه إلى العراق.
أما الحدث الثاني فهو قيام إيران بقطع تدفق مياه أحد روافد نهر دجلة في إقليم كُردستان وهو نهر الزاب الصغير، مصدر مياه الشرب والزراعة والري والطاقة لمحافظتي السليمانية وكركوك. وأعلنت مديرية السدود في إقليم كُردستان بأن قطع مياه الزاب الصغير قد تسبب في أزمة مياه الشرب في قضاء قلعة دوزيه (قلعة نهرين) بمحافظة السليمانية، أكما اعلنت مديرية المياه في المحافظة عن إيقاف توزيع المياه في محطة (خاسه) وذلك بسبب عدم وصول المياه اليها، ودعت المواطنين الى التقنين الى ان تُحَل الأزمة.  ونشر ناشطون صور صادمة لعدد ضخم من الأسماك الميتة جراء تجفيف النهر. وقد قطعت الحكومة الإيرانية تدفق المياه في صيف عام 2017 للمرة الأولى بحجة تخزين المياه في سدود أنشأتها على النهر. وتكمن جذور الأزمة في ضعف العراق حيال سياسات إيران التي هي تُركيا أخرى فيما خص المياه الدولية وتتصرف كصاحبة الحق الكُلّي للماس الأزرق دون ان تكون هناك اتفاقات ثنائية أو دولية توقفها عن انتهاك حقوق الآخرين.
يشير الحدثان إلى أن الجارتين القويتين، تركيا وإيران، بدأتا عملياً بتعطيش العراق الذي لم يعد يملك ما يمكّنه من التأثير على السياسات التركية والايرانية سوى الترجّي والانتظار. وسيخسر البلد أكثر من 50% من المياه المتدفقة إلى أراضيه وتتحول مساحات منها تزيد عن 700 ألف هيكتار من أراض زراعية خصبة إلى اليباب. ويقول وزير الموارد المائية العراقي حسن الجنابي: ” لدينا اتفاق مع تركيا بشأن حصة المياه التي تُخزن والكميات التي ستطلق، ويستمر هذا الاتفاق حتى تشرين الثاني المقبل”. وهناك اجتماع في الشهر ذاته بين العراق وتركيا في مدينة الموصل لمراجعة الاتفاق والنظر به وفق المعطيات الجديدة كما يقول الوزير العراقي، الذي يعرف مسبقاً بأن الاتفاقات الثنائية بين البلدين لا تتجاوز وعود شفهية يكرر فيها المسؤولون الأتراك بأن بلادهم “لن تُعَطّش العراق”. وهنا ما على رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي ووزيره حسن الجنابي إلا أن يعلن ما قاله لهما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اجتماع جرى بتاريخ 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2017: ” لا تذكروا لي مصطلحات الأمم المتحدة مثل الأنهار الدولية، وحقوق المياه الدولية والمفاوضات حول المياه، لا تعترف تركيا بهذه المصطلحات التي عفى عليها الزمن”. وتعتزم الحكومة التركية في الوقت الحالي سحب مبادرة (السلام الأزرق) في الشرق الأوسط، والتي تمولها حكومات أوروبية مثل السويد وسويسرا، من مركز Strategic Foresight Group ذاك ان هذا الأخير وهو مركز هندي للاستبصار الفكري الاستراتيجي حول قضايا المياه في العالم، يعمل وفق تلك التعريفات التي وضعتها الأمم المتحدة عام 1997 وترفضها تركيا.
كان كلام أردوغان واضحاً حيال المياه والكميات التي تحددها تركيا للعراق، انما احتفظ به رئيس الوزراء العراقي لنفسه وكأن ما سمعه مزحة وليس توجيه فوهة سلاح المياه نحو بلده. ويبدو ان وزير الموارد المائية حسن الجنابي أكثر وضوحاً فيما خص سياسات تركيا وإيران المائية حيث قال في مؤتمر لاهاي للأمن الكوني نهاية عام 2017: “ان تركيا وإيران تبنيان السدود وتتصرفان بمنابع الأنهار دون أخذ العراق واحتياجاته وحقوقه المائية في الحسبان”.
ولا يريد المسؤولون الشيعة، وبينهم حيدر العبادي، الحديث عن أضرار السدود الإيرانية على أنهار الزاب الكبير وألوَند وسيروان في إقليم كُردستان، ونهري الكارون والكرخ في الجنوب العراقي، وهي بالإضافة إلى أنها أضرار بالغة، عرّت نية إيران خلال مؤتمر دولي عقد حول المياه في العاصمة طهران بداية العالم الحالي. وقال مساعد وزير الخارجية عباس عراقجي في المؤتمر ذاته بأن سياسة بلاده القادمة تستوجب منع الأنهار الدولية من الخروج، أي حبس المياه داخل الأراضي الإيرانية أو تغيير مجراها نحو مناطق الجفاف.
ولحفظ ماء الوجه أصدر العراق بياناً خجولاً حيال هذا التعطيش الثنائي، إنما ليس من خلال جهة سيادية مثل وزارة الموارد المائية، أو وزارة الخارجية أو رئاسة الحكومة، بل من خلال المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية التي حذرت من ” النقص الملحوظ في مياه نهري دجلة والفرات بسبب الإجراءات المائية المتبعة من الدول المجاورة للعراق، والتي ساهمت في شكل كبير في انخفاض منسوب المياه وجفاف أنهار بأكملها، إضافة الى ما تعانيه المنطقة من قلّة أمطار وارتفاع درجة الحرارة”. باختصار شديد، العراق في طريقه نحو العتمة والجفاف.
3/6/2018

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أزمة المياه تهدّد الشرق الأوسط.. والعراق على الخط الأحمر

خالد سليمان  يشير مدير المعهد العلمي للبيئة في جامعة جنيف مارتن بينيستون إلى ذوبان شبه كلي لثلوج جبال الألب نهاية القرن الحالي، حيث لا يبقى سوى القليل منه في الأعالي. يعود سبب ذوبان هذه الثلوج التي تغذي أنهار (راين، دانوب، بو، رون) ويعتمدها ١٦٠ مليون نسمة في غالبية أنحاء أوروبا للزراعة والنقل والطاقة والغذاء، إلى التغيير المناخي وارتفاع درجات حرارة الأرض، ناهيك عن الازدياد السكاني حيث تشير الإحصائيات المتوقعة إلى وصول نسبة سكان المعمورة إلى ١٠ ملايين نهاية هذا القرن.  كانت هذه الصورة بداية لمؤتمر دولي بعنوان “السلام الأزرق” حول دور المياه في السلام والتنمية المستدامة في الشرق الأوسط نظمه Stratigic Foresight Group وجامعة جنيف بالتعاون مع وكالة سويسرا للتنمة والتعاون الاسبوع الثاني من شهر أكتوبر ٢٠١٥. 

هەر دەوڵەتێکی کوردی لەم دۆخەدا لە دایکبێت، وەک ئەوەی باشوری سودان دەبێت*

خالد سلێمان سیاسەتی ڕاستەوخۆ، ناڕاستەوخۆی شانشینی سعودی، قەتەر، تورکیا بەرامبەر عیراق و سوریا، لە حەڵەتی پاشەکشەی یەکجارەکی پرۆژەی دەسەڵاتێکی ئیسلامی ( ئیخوان، بەرەی نوسرە، ئەحراری شام، سوپای ئیسلام .. هتد ) ، کار بۆ دامەزراندنی کیانێکی سوننەی سەربازی دەکات، کە دور نیە، بەعسیەکانی ناو داعش، تۆوی ئەو کیانە بن . یانی داعشیش بەشێک دەبێت لە نەخشە سعودی - قەتەری - تورکیەکە .  ئێستا هەوڵی هەرسێ جەمسەرەکە لەوەدا کۆدەبێتەوە، چۆن لە ڕێگەی پارتی دیموکراتی کوردستان و پارتە کوردیەکانی ناو ئیئتلافی ئۆپۆزسیۆنی سوریاوە، کوردیش بەشێک بێت لەو کیانە سوننییە . لەوانەیە ئەمە باشترین دەروازە بێت بۆ تەماشاکردنی دیمەنی هەرێمی کوردستان، کە لە ڕوی سیاسی و ئابوری و کۆمەڵایەتییەوە لە خراپترین ئاستیدایە، بگرە لەبەردەم داڕوخانێکدایە کەس مەزەندەی دەرەنجامەکانی ناکات . بەڵام ئەوەی لەناو دیمەنێکی سیاسی، سۆسیۆ - ئابوری خراپی وەک ئەوەی ئەمڕۆماندا، هەژمونی خۆی هەیەو ڕای

MIDDLE EAST Human Rights Watch outraged by video showing Syrian rebel commander Abu Sakkar cutting out government soldier's heart and eating it

By John Hall A graphic video has emerged of a Syrian rebel commander cutting the heart out of a  soldier’s chest and biting into it. Described by Human Rights Watch as “emblematic” of a civil war that has rapidly descended into sectarian hatred and revenge killings, the amateur footage was posted on the internet yesterday - sparking outrage among opposition figures, as well as supporters of President Bashar al-Assad. Human Rights Watch said the video shows Abu Sakkar – the prominent founder of rebel group Farouq Brigade, which originated in Homs. In the clip, Sakkar cuts into the chest of the dead soldier before ripping out his heart and liver and declaring: “I swear to God we will eat your hearts and your livers, you soldiers of Bashar the dog”. To off-screen cheers and chants of “Allahu akbar [God is Great]”, the man then bites into the heart. The Syrian conflict started with peaceful protests in March 2011, but when these were suppressed it gradually turned int...