التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بعد مقتل مهسا أميني.. ثورة إيران الدائمة ضد النساء

 

خالد سليمان

23/09/2022

ثورة إيران الدائمة ضد النساء



كانت الناشطة الإيرانية والباحثة في علوم الفيزياء أفسانه نجم آبادي تعتبر إحدى المناضلات الإيرانيات اللواتي قدن احتجاج كبير ضد قرار الخميني بفرض الحجاب على النساء بعد انتصار الثورة الإيرانية عام ١٩٧٩. عادت أفسانه إلى بلدها إيران من بريطانيا حيت كانت تعيش للمشاركة في الثورة الإيرانية في العام ذاته. وكان هناك عدد كبير من المثقفين والأكاديميين اليساريين الإيرانيين تركوا الغرب وعادوا الى البلاد للمشاركة في التغيير ورموا أنفسهم بالكامل في الساحة السياسية.

وقد عملت نجم آبادي في الأوساط الجامعية الإيرانية كل الوقت، وكانت أول ناشطة وأكاديمية إيرانية تقود تظاهرة احتجاجية نسائية رداً على القرار الذي أصدره الخميني بخصوص ضرورة حجاب النساء بعد أشهر من انتصارا الثورة. تم قمع تلك المظاهرة من خلال إرسال الآلاف من النساء المحجبات التابعات للتيار الديني المتشدد وهاجمن المتظاهرات بالعنف والقوة، ما أدى الى تراجع الحركة النسائية التي كانت تقودها أفسانه نجم آبادي ومناصراتها ضد الحجاب، وعادت أفسانه تالياً إلى لندن عام ١٩٨٠، تاركة خلفها أحلامها بإيران أفضل في صمت طال أمده لليوم.

منذ ذلك الوقت، حيث مضى أكثر من أربعة عقود على “الثورة الإيرانية”، تعمل نخبة قمعية اكليركية على محو صورة المرأة في جمهوريتها المثالية، وذلك عبر فرض شروط وآليات اجتماعية وثقافية وتعليمية تفوق حتى المخيلة القمعية. تسرد الكاتبة والناقدة الإيرانية آذر نفيسي في كتاب بعنوان “أن تقرأ لوليتا في طهران” الكثير من تلك الآليات في إيران ما بعد الثورة، بما فيها الجامعات والمؤسسات التعليمية الأخرى. تروي نفيسي كيف تم القبض ذات مرة على طالبتين في جامعة طهران وزجهما في السجن، لأنهما كانتا تأكلان التفاح في العلن، وذلك أمر يخالف مبادئ الثورة بمقاييس شرطة الأخلاق، ذاك ان تناول النساء للتفاح يحفز غرائز الرجال بوجهة نظر النخبة الأكليركية. هكذا بدأت الثورة وتجلت مبادئها.


اليوم، بعد مرور ما يقارب نصف قرن على تثبيت أركان الاستبداد، يعيد التاريخ نفسه بكل تفاصيله وحذافيره، تخرج النساء الوفيات لمبادئ “الثورة” الظالمة في مظاهرات مضادة لينددن بمظاهرات ضد قتل الشابة الكُردية مهسا أميني التي تم القبض عليها بسبب ظهور خصلة من شعرها وماتت جراء قسوة شرطة الأخلاق. لقد أراد الرجال الثورة الأوفياء عام ١٩٧٩ القول بان النساء هن من يدافعن عن قرار الخميني، مسيلين بذلك دماء مشاركات في أول احتجاج سلمي ضد الاستبداد ووضعوا أساس جدار ثورة دائمة ضد النساء، جدار سميك منع بجانب منه تناول التفاح قبل ٤٠ عاماً، وقتلت مهسا أميني في الجانب الآخر منه اليوم.

لقد ذهبت مهسا، ٢٢ عام، برفقة شقيقها من مدينة (سنه) في كُردستان الى طهران بتاريخ ١٣ من هذا الشهر (سبتمبر ٢٠٢٢) واعتقلتها شرطة الأخلاق لعدم تطبيقها حذافير الحجاب المفروض على النساء. يروي شقيقها بأن مهسا حاولت أن تشرح لعناصر شرطة الأخلاق بأنها غريبة في طهران واعتادت أن ترتدي الحجاب بطريقتها الحالية في مدينتها سنه، انما لم تفد محاولتها وساقوها للسجن وماتت بعد أيام تحت شدة الضرب.

وشكل قتل الشابة مهسا، شرارة احتجاجات واسعة ليس في المدن الكُردية فحسب، بل في غالبية المدن الإيرانية وكذلك في المغتربات، ناهيك ببيانات احتجاج من عدد كبير من المثقفين والفنانين والكتاب الإيرانيين في العالم. وقتل ١٧ شخصاً على الأقل على يد قوات الأمن في الاحتجاجات، علاوة على اعتقال أعداد كبيرة من المحتجين.

في الواقع ليست الاحتجاجات ضد الحجاب، بل هي ضد نظام سياسي مُحمّل بايدلوجيا ذكورية ثقيلة لا تستحق المرأة فيها حق المعرفة والتمكين والمساواة مع الرجل. ويضاف الى القمع الاجتماعي للنساء الكُرديات، قمع هويتهن القومية وخياراتهن اللغوية والثقافية. ونتذكر في هذا السياق سجن الناشطة والمعلمة الكُردية زارا محمدي جراء قيامها بتعليم الأطفال اللغة الكُردية في قريتها، ما أدى الى اعتقالها وزجها في السجن.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أزمة المياه تهدّد الشرق الأوسط.. والعراق على الخط الأحمر

خالد سليمان  يشير مدير المعهد العلمي للبيئة في جامعة جنيف مارتن بينيستون إلى ذوبان شبه كلي لثلوج جبال الألب نهاية القرن الحالي، حيث لا يبقى سوى القليل منه في الأعالي. يعود سبب ذوبان هذه الثلوج التي تغذي أنهار (راين، دانوب، بو، رون) ويعتمدها ١٦٠ مليون نسمة في غالبية أنحاء أوروبا للزراعة والنقل والطاقة والغذاء، إلى التغيير المناخي وارتفاع درجات حرارة الأرض، ناهيك عن الازدياد السكاني حيث تشير الإحصائيات المتوقعة إلى وصول نسبة سكان المعمورة إلى ١٠ ملايين نهاية هذا القرن.  كانت هذه الصورة بداية لمؤتمر دولي بعنوان “السلام الأزرق” حول دور المياه في السلام والتنمية المستدامة في الشرق الأوسط نظمه Stratigic Foresight Group وجامعة جنيف بالتعاون مع وكالة سويسرا للتنمة والتعاون الاسبوع الثاني من شهر أكتوبر ٢٠١٥. 

MIDDLE EAST Human Rights Watch outraged by video showing Syrian rebel commander Abu Sakkar cutting out government soldier's heart and eating it

By John Hall A graphic video has emerged of a Syrian rebel commander cutting the heart out of a  soldier’s chest and biting into it. Described by Human Rights Watch as “emblematic” of a civil war that has rapidly descended into sectarian hatred and revenge killings, the amateur footage was posted on the internet yesterday - sparking outrage among opposition figures, as well as supporters of President Bashar al-Assad. Human Rights Watch said the video shows Abu Sakkar – the prominent founder of rebel group Farouq Brigade, which originated in Homs. In the clip, Sakkar cuts into the chest of the dead soldier before ripping out his heart and liver and declaring: “I swear to God we will eat your hearts and your livers, you soldiers of Bashar the dog”. To off-screen cheers and chants of “Allahu akbar [God is Great]”, the man then bites into the heart. The Syrian conflict started with peaceful protests in March 2011, but when these were suppressed it gradually turned int...

نوري المالكي وجيشه وضباطه البعثيين, إليكم الأسماء

لا مانع ان ترتكب القوات التابعة لرئيس الوزراء نوري المالكي وتحت قيادة الضباط البعثيين (الأشاوس) مجازر في "دوزخورماتو" وغيرها من المناطق المستقطعة من كوردستان, إليكم أسماء ضباط الجيش العراقي في عهد الديكتاتور صدام حسين وقد أعادهم نوري المالكي إلى جيشه (الباسل) وسلمهم المناطق التي تسمى بالمتنازع عليها وهي في الحقيقة مستقطعة من كوردستان    الفريق الأول الركن عبود قنبر هاشم المالكي- -معاون رئيس أركان الجيش حاليا  الفريق الأول الركن موحان حافظ الفريجي(سابقا التكريتي)- مستشار أقدم وزارة الدفاع  الفريق الأول الركن طالب شغاتي مشاري الكناني- قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الأول الركن احمد هاشم عودة – قائد عمليات ب